‫الرئيسية‬ عازفو اوتار الشيخة فواغي القاسمي أيها العام الجديد ، هل تأتي حاملا الزنابق أم الأكفان ؟/بقلم : الشيخة فواغي القاسمي

أيها العام الجديد ، هل تأتي حاملا الزنابق أم الأكفان ؟/بقلم : الشيخة فواغي القاسمي

ها أنت تخرج من الباب لتدخل من النافذة

تمهل أيها القادم الجديد القديم 

 تمهل كي لا تتعثر خطواتك بالنتوءات الشائكة 

 كي لا تغرق أقدامك في البرك الحمراء 

 …أو تنهش قلبك أنات المودعين و المحزونين والمكروبين

ثقيلة تلك التركة اللاهبة 

أكوام من الأسى و العطش

ألاف المواسم الشاحبة و البائسة و الجائعة

تدحرجت الأمنيات من أعلى سفوح الأمل

لا الأرض بوعاء ولا السماء بظل

قرابين العرش نازفة

عذراوات النهر تستنجد

ضحكات الطفل توأد في عينيه البريئتين

رعود الرصاص المصبوب تزمجر في أرجاء المدينة الهادئة

في القرية النائية … المدرسة .. الجامع .. السوق .. الأحياء

و الملائات البيضاء اغرقت بالأحمر

تراكمت غيوم مثقلة بالدمع و الهموم

اختلط نشيج اليتيم بنواح الأم المكلومة 

بعويل الأرملة و أنين السماء

 

تقافزت من محاجرها تلك الأغنيات الحزينة

المشهد مبهر ، الأصوات حشود من فرح مؤجل

انتشاء صاخب يقيم ولائمه على ضفاف الروح

الريح تقرع طبولها و أنين ناي تموز يتضاءل شيئا فشيئا

لم تعد المراعي يانعة و لم يعد الرعيان في المساء

 …ضلوا دروب العودة

الدخان الأسود يعتلي ظهر الريح

يعلو .. يعلو .. ليسد الأفق

 

.تشوهت ملامح المدن .. و تيبست طرقات الجنة

الروح تضيق .. تختنق .. تتمرد

هذه الحشود  تتلألأ برغم النار و الدخان

النار تشتعل و ترسل الشرر

الشرر يلتأم و يصبح نيرانا صاهدة

من يوقف ذاك اللهيب المتفجر من براكين الغضب

تأخر الزمن كثيرا .. 

العظام النخرة يأكلها العفن

النار لن تبقي شيئا ..

الريح تحمل شررها .. توقدها جحيما في الأنحاء

و الاحتمالات مفتوحة على جميع الاتجاهات

 

مشاجب الوعد و الوعيد تنتصب عليها رايات بيضاء

أرواح خضراء

 ..!و توابيت حمراء

ربيع أزهر فعبثت به ذئاب القوم

المرابع تئن ، و ظلال الدوح تحتضن الرياض اليانعة

السماوات ترسل ضحكاتها المبشّرة

تقتح أبوابها للعصافير

صلاة طاهرة أيتها الروح الصفيّة

غفران التراتيل على مدارج صعودك

،و احتفاء أهل السماء

أيتها الأنوار القدسية 

كلليها بقدسك و ادخليها بسلام قول من رب رحيم

صعدت للمجد في العلا

و تعالى أنين الأرض

تتهاوى جبال و تثور بحار

من يوقف من ؟ 

 

إبليس ينفخ في بوقه ، و الأعوان حضور

!سباق محموم ، ترى من سيجلسه على كتف عرشه

من سيلبسه أوسمة الغواية 

و إكليل قرانه الآثم

 

ارحل أيها العام الشريد مكللا 

بالأسى و الفخار

بالأنين و الزغاريد

بنضرة الربيع و يباب الخريف

بالأمال الخضراء و الآلام الحمراء

تقارعت كؤوس الفرح بكؤس الحزن

و تعانقت أرواح الظاعنين بأرواح الساكنين

 

جعلنا لك على كل باب وردة بيضاء

ترى هل استجمعتها في باقة لمن سيخلفك غدا

أم حملها الطوفان إلى اللامنتهى

 

أيها القادم تمهل

ربما ستقرأ الرسالة قبل ولوجك الدار

فاطرق الباب مرتين

سيستيقظ النائم حتما

ليرى في حديقة الدار إصيصا ملئ بذورا من سنابل الأمل

اسكب عليها بعضا من أقانيمك 

لتغدو دوحا مورقا

و روابٍ تستظل بفيئها  أرواح تائقة

و نفوس شاهقة

 

اخلع رداء الجفاء

ترجل عن صهوة العناد

الشمس تشرق من بحور الكرامة

 لن تحجبها قمم الدخان الأسود

فاخلع قبعتك و انحني

نوح سيحمل على فلكه المخلصين

و سيغرق الطوفان شراذم الضالين

 

 النداء يشق آفاق الكون كصواعق ورعود

 …كأننا لم نكن

 اليوم نحن هاهنا .. لقد انتهى زمن فتية الكهف

أيها العام الجديد ، ليتك تبقى دائما جديدا 

نريد أن نرانا بك فرحين

 ..أو توقف عن الدوران فقد فقدنا التوازن

 

 

فواغي القاسمي
31/12 / 2011

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × اثنان =

‫شاهد أيضًا‬

لطفي بوشناق: أيقونة الفن المُلتزم وصوتٌ للحرية والعدالة / حوار : بشرى بوجمعة

الفنان التونسي الكبير لطفي بوشناق: *أنا اسعى دائما أن أكون صوتا لكل الشعوب*أنا أعيش لأغني …