‫الرئيسية‬ شذى العنبر القصة القصيرة ألم | بقلم: الشاعرة السعودية الملتاعة
القصة القصيرة - شذى العنبر - 30 أكتوبر، 2017

ألم | بقلم: الشاعرة السعودية الملتاعة

 ألم  
ج-1
لا تلوموني ان كانت أحرفي تحمل الماً وحزناً ، فلست بمن اختارت ان تكون كتلة حطام بل الحطام اختار ان اكون تبعا له كظلِ لا فرار منه لصيق خطوتي
الحياة قطعة ظلام لم يختارها الضوء ولم يتذكرها يوما ولم تفلح صرخاتها نداءاً
اعياني سفر البحث خلف وهم  اسماه الآخرون سعادة او راحة بدنية او محطة تفرغ شحنات الإرهاق على رصيف الانتظار، حكايات وروايات تشكل تصنيفها بعدة كلمات ومعاني ومخارج لفظية تُفهم ولا تُفهم  وضعوا لها معاجم وقوانين لم تتوصل لشي يستدل على مدلول يُفاد
شيئاً ما يتخالط ويتفاوت ويصدر دويا يستدير ويدار بمعظمي المنهمك
سقوط نهوض يتكرر على مدار الساعة في مرور عقاربها وغموض واغماض عن لحظة رجوع يكون منقذا من تيه العمق المتخبط في متاهات عدة لاطريق لها ولا وجهة تذكر
                          ج/٢
اهتزازات ذهنية واُخرى بدنية تغير الرؤية في عدم الايضاح ،هواجيس عدة تتداخل ببعضها البعض ، سحابة دمع ماطرة بل ومغرقة حد الإرهاق ،هكذا كانت هند في متاهات متفرقة تغتسل بهموم الحياة كل عضو قارب للجفاف ،، زهد التعب حده وتوارت النضارة خلف ضباب أحزانها كلما طرقت بابا كلما أوثق اغلاقة ، ترى هل هي إرادة المولى ام ان هناك سببا آخر يعيدها الى احضان البؤس واثقاله ، عمرا مضى يتساءل ولم يجد شوافي اجابة تخمد لهيب الصبر لسنوات ، عزفت عزوف المنكفي على خمار جمرا مشتعل فتذكرت قولة تعالى والصابرون والصابرات لهم اجرا عظيما تسلحت بسلاح التوكل والإيمان بالقدر الذي لامفر منه واشتغلت بامور لعلها تتناسى في ظلها قهر العناء وجلادة الايام ،قادتها خطاها الى حيث يكون ذلك الذي ظنت بانه تسلل اليها من ثنايا الأمل رمت له التحية فردها بأجمل اكتمال ،، تغاظت عن وجودة لكي لاتلفت نظره الى اهتمامها به ، أصدر صوت النحنحه وقال اسمي خالد شاب جامعي خريج صيدلة تعيس نوعا ما في حياتي ابحث عن رفيق يكمل وجهة سعادتي لدي اثنان من الابناء بنت وولد على غير وفاق مع زوجتي تلك هي قصتي فماذا عنكِ انتي ؟ تلاحقت انفاسها ملتقطة كلماتها بأهات طويلة اسمي هند لم تعطيني الحياة سوى ما يبل الرمق لم احمل مؤهلا علمي يساندني على مشقة الحياة اكتفيت بشهادة ماقبل الجامعة لم اتوفق بحياتي الزوجية التي خرجت من حقولها بثلاث ثمرات هن جمال الحياة وسلوة الالم
                    ج/٣
ويستمر سياق الحديث بينهما كلا منهما ينظر للحياة من خلال ثقب إبرة ..سادهما الصمت طويلاً .. فجاء توافق النطق منهما باسم الاخر.. ابتسما لبعضهما …وطلب خالد من هند ان تفضي بما تود ان تقول.
تلعثمت قليلا على استحياء !!
هند: لابد ان اكون صريحة لابعد حد فقد اعتدت ان اكون هكذا .. كل ماهو عليك تفهمي سيد خالد ..ان كنت تظنني مثل سائر من عرفت من النساء فدع مابدأنا به مدفونا هنا.
خالد: اتظنيني رجلا يتلاعب بالمشاعر؟
اذا انتي واهمه .. لست كما تظنين سيدتي .. أتمنى تقديم الاعتذار على الفور ..فتلك اهانة
رجاءا سيد خالد كلماتي للتوضيح فقط .. على العموم اعتذر ان كان ذلك يريحك سيدي .
سافرت هند مع كلماته تحليلا بين التصديق والتكذيب  لا تدري اتتبع قلبها ام عقلها ..صراع وتضارب، وغياب وعودة ،تحلق عيناها استنجادا بمن على عرشه خلف السماء .. تصاقلت لمعة الدموع دون ان تسقط .. لا تعرف بما تجيب .
افتقادها لحياة اهدأ  تدفعها بحثا عن حنين يسموه الحب ..في بوارق قدومه صدق لا تتعقبه الاكاذيب .
خالد: ماذا هناك عزيزتي ؟
الامر لا يحتاج الى كل هذا الاستغراق في التفكير.. تقي بمتحدثك ان كان هناك بقايا من ثقة تملكين ..
هند: لا تستعجل القدر فكل ماهو مكتوب آتي لا محاله .. نكتفي وقوفا بالاعتراف لإختبار المشاعر ..على ماأظن تتفق معي في ذلك…!؟
خالد: بالطبع لك ذلك سيدتي .
ويتواعدان على أمل لقاء يجمعهما مجددا.
لا زالت هند في أمواجها تلاطماً .. يجب الا تقع قبل الغوص في عمق الحقيقة .. تتهامس مع ذاتها .. يربكني هدوء هذا الرجل كما يربكني  اسلوب التنميق المتكلف في حديثة .. لا ، لا ، علّي ان لا اندفع .. فلا زالت اثار تجربتي الاولى موجعة ..
ويقطع اتصال خالد حبل فكرها .. تماهلت بطئاً بالرد فقلبها يخفق ويداها ترتعشان لاتستطيع التحكم في قبضة الهاتف .. ترتمي بجسدها على اقرب كرسي .. لما أبدو هكذا .. هل ذلك حبٌ ام خوف .. رباه اغثني .
الهاتف يرن للمرة الثانية تنظر لشاشة الهاتف .. فإذا به خالد .. هل ترد ام تتجاهله .
                   ج/٤
بين الرغبة والامتناع .. والرفض والقبول .. والتردد والقدوم .. تتوق النفس لتجاذب أطراف الحديث .. تمكنت من جمع قواها اخيراً حيث بدأ الاتزان يأخذ ثبوته في اطرافها المرتعشة .
اهلًا سيد خالد .. التمس العذر لعدم الرد فمثلك يقدر ظروف الانشغال بأسرتي الصغيرة .
وتنطلق آهات خالد عبر أسلاك الهاتف ملتهبة .. تمنيت لوكنت جزءا من ذلك الانشغال ..اوتعرفين هند انني اقضي وقتا من التفكير فيك .
اعترف لك انني لأول مره اشعر بحرارة الوله ..يلتاع قلبي شوقا وحنين لسماع نبراتك .. لهمساتك ..لعيناك ..لابتسامتك ..لمخاوفك لكل شي يختص بك .. وصلت لمرحلة الأحلام .. صدقي او لاتصدقي .. فانتي سيدة لاتقدر بكنوز ..اقسم لك انني رجلا محظوظ ..نعم محظوظ ..اي قدرا أتى بك في طريقي .. ملاك انتي على هيئة بشر .. يعجزني الوصف في مزايا امرأة تختلف عن سائر النساء . كل ماتمنيته في رفيقة الحياة كان فيك ..نعم فيك ..اعلم انك الان تحدثين نفسك بأني صيادا ماهر ..لا ترمي باعترافي في دائرة الشكوك ..فكلماتي خرجت من قلب محب صادق صافي النوايا
تقاطعة هند بهدوء .. سيد خالد مهلا لست حمل تلك الكلمات ..فمابلغ سمعي كثير كثير جدا على امرأة مثلي لاتدرك العوم في عمق البحر.. ترهقني ببوح العاطفة ..وتثقل بها كاهلي الضعيف ..الأيام فواصل .. للقاء المشاعر ..ليس هكذا الإيداع في مباشرة صهيل اعتراف محموم الاندفاع ..الجنون تهور يدفع للجنون..وربما يقضي على ولادته قبل النضوج.
خالد:عزيزتي الاعتراف احيانا يريح النفس .. في تقارب المسافة فكلما طال الصمت طال الابتعاد قتلا لطفل الحنين ..هناك سؤال يقرقع في صدري .. يكون قرار نهائي بالاستمرار او الوقوف .. اخبريني بربك هل تشعرين بما اشعر .. اجيبي هند .. اني متيم ٌ بالعشق فيك.
طال صمتها فهي تشعر بما يشعر لكن الاعتراف منها مخجلا ..هاهو يزيح حاجز الاعتزال الذي كان فاصلا عن الاقتراب .. تمردت المشاعر وابحرت جنونا في الحب بينهما تعاهدا على الوفاء الابدي.. فمن سيكون منهما ملتزما بذلك العهد .
                            ج /ه
هند في سريرة نفسها تعلم حق العلم ان خالد رجلا متقلب المزاج .. متسرع القرار.. برغم ماوصل اليه من عمر يناهز الـ ٤٠ عاما الا انه يتصرف بطيش شاب في مقتبل العمر ..هي تراقب بصمت وتترقب قنبلة الانفجار الأخيرة لقتل ولادة العلاقة الحديثة بينهما..  أحبته وتعلقت به لكنها تعتلي الاتزان في كل أمرا يتعلق بالحياة ..تنظر وتقيس قبل الغطيس ..امرأة علمتها الحياة كيف تكون ذات قوة في عالم الذئاب ..وكيف تجتنب سقوط الهاوية ..لانها نشأت بين عائلة كريمة العفاف ..شديدة الحرص حسب الركيزة الدينية  وقوانين العادات والتقاليد .
وبينما هي في عمق معمعة التفكير ونظريات العقل بعيدا عن تسلل العاطفة لتعطيل مهام الحكم الأخير تتصل بها صديقة حميمة قد غابت لسنوات لأتعرف من أخبارها شيئا لتعاقب الظروف واحداثياتها في الانقطاع .
.مساء العبير هنوده .. مساء الورد ..عفوا من المتحدث فالصوت ليس بغريب .. الا تعرفين من اكون .. هل كنت في خانة النسيان
هند : عرفتك وخالق السماء عرفتك ..وداد .. ياااا الله  اين ايامك ياشقية تركتي فراغ كبير كجرح لا يلتئم .. اهذا حق الصداقة ..ما أجرمك واقساك.
وداد: مهلا علّي ياصديقتي ..الحياة لآ تخلو إطلاقا من بهارات المشاكل .. ونكهة الظروف الفاصلة بين التقاء الأرواح المحبة ..
اخبريني عنك فأنا في اشتياق لسماع ما انتي عليه من حال .
هند :آه ثم آه ياوداد  يطول الشرح في حالي واحوالي .. ففي غيابك تعرضت لأقسى الظروف القاهرة ..لا احد يستطيع مساعدتي سواك .. إذا  لم يكن لديك مايشغلك فزيارة خاطفة منك للقائي  بك مهم جدا .. فماذا قلتي .
وداد: حسناً غدا بعد الساعة الرابعة عصرا تجديني امام الباب ..عُلِم  ام أعيد مالم  يُعلم .. وترتفع نبراتها ضاحكة وتبادلها هند نفس النبرة بضحكة يبدو عليها مرارة الحزن .
هند: سانتظرك ي صديقة عمري  فلا تتاخري .
وداد: حسنا ..الى لقاء قريب وتطبع قبلة الإخوة كالعادة قبل المغادرة  وتبادل هند قبلتها بقبلة
اغلقت الهاتف وهي تتأمل الأيام الجميلة بينها وبين وداد.. وماكانا يفعلان من شقاوة ايام الدراسة ..من لعب واستهتار بالحصص ..وووو….. تنفست الصعداء .. وهي تتمتم بكلماتها .. قربت ساعة الصفر ي سيد خالد ..وستنكشف امامي حقيقة الوفاء في الاستعجال المريب .. هاهي وداد تعود ويعود معها نبض الحياة من جديد ،، تُوقع ولا تٓقع  .. تشهر اداة القتل رعباً ولا تقتل بها ..اعتمادي بعد الله عليها فهي اخت بمرتبة صديقة .
يراودها الصداع فتتناول مهديئا وتخلد للنوم .
أتى الصباح ويتلوه الظهر والعصر وهند في ملل الانتظار لقدوم وداد ..
يدق جرس الباب فتسرع هند بعد ان تأكدت من ثقب الباب انها وداد اخذتها بالاحضان في عناق طويل يبرهن الاشتياق ..سحبتها هند مرحبه بها ..قدمت لها العديد من واجبات الضيافة .
وداد : اصبحتي طاهية ماهرة .
هند: لابد ان اكون كذلك فمطالب الحياة ترغب فالمهارة ..فتلك وظيفة كل ست لديها اسرة تهتم وتعتني بهم .
وداد: كنتي رائعة ولا تزالين في المكانة التي غبت عنك لسنوات فيها.
المهم مالامر الذي يتوقف على مساعدتي ..هيا اخرجي تلك اللؤلؤة من فاك .
هند: تعرفت على شخص غريب الأطوار او بالاصح هو من سبق بالتعارف ..أحببته وربما تقولين تعلقت به قليلا .. ومع هذا اشعر بخوف شديد شكوكي وظنوني لا يفتر هاجسهما .. يغيب لايام بل لشهور  ومن ثم يعود مما جعلني ارتاب كثيرا بان هناك امرا أجهله .
وداد: والمطلوب مني؟
هند: المطلوب يا أعز صديقة ان تقومي بالاقتحام في حياة الخالد كمعجبة او كمصادفه ..والخيار لك ،، لإعرف مدى الوفاء والمصداقية لدية .
وداد : لعبة مسلية تروق لي فأنا احل محل رجل الانقاذ في المهام الصعبة .. لا عليك فالامر بسيط سآتيكِ بخيره الاكيد ..سجلي رقمه وفي غضون ايام سيقع ان كان من اياهم .
وتنصرف وداد بعد ان ودعت هند وهي تربت على كتفها بكفً حنون .. ابتسمي فالحياة لاتستحق ي صديقتي. ألقتها على مسامع هند وانصرفت.
مرت الايام كدهر على هند .. محبطة ..قلقة .. تسرح الافكار بها وتعود .. الهاتف يرن وإذا بوداد .. تبادرها هند مالاخبار .. وتوبخها وداد ماهذا ي امرأة .. اين التحية .. اين السلام ..هكذا هجوم مباشر .. هند تنزعج قليلا من وداد فوضعها لايحتمل اي نوع من العتاب .. ولكنكِ تعرفين المنتظر وحاله الذي عليه .
وداد: اعرف ي صديقتي وأقدر وضعك بل وأشفق عليه.. تتلهفين  لمعرفة مايبدو عليه السيد خالد من صدق العاطفه او كذبها .. اذا اسمعي التقرير الوافي .. رجل لعوب ليس مؤهلا  للوفاء .. فقد جاريته فاستجاب .. ولم اكتفي بهذا الحد بل استعنت باخرى أثق بها  ومضى معها ..يبوح لها بمشاعره ويقضي وقته ويتذكرني ليبوح بما باح به من شعور لما قبلي .. هذه حقيقته ولدي تسجيلات سآتيكِ بها مساء اليوم .
هند: لم تتأثر او انها تكابر عنفوان المٌ ينخر أحشائها  فقد لمست من امره مالمست ..  ضحكت وبكت .. جلست ونهضت .. وتجولت في انحاء منزلها الصغير .. تنتظر اتصاله .. لتبترهُ من حياتها .. مر أسبوع .. شهر .. شهرين .. وهند لم تحاول ان تتصل به ..وبينما هي مندمجة في اشغالها يرن هاتفها مرارا وتكرارا .. هاهو يتذكرها ليسرد عليها قصص الغرام الزائفه والأحاسيس الكاذبة .. والمشاعر المجردة من الضمير الحي .. ترد وفي ردها برود اهلا بالسيد الانيق خالد .. اهلًا بك هند .. يزداد شوقي إليك بل يمزقني إربا إربا .. آه ما اصعب البعد عن من نحب ي هند .
استوقفته بحزم  ..  سيد خالد  لاداعي لكل ما تفوهت به من شعور فربما الاقدار تحكم بالفراق ..والاكتفاء من حد هذه العلاقة ..  فزواجي بعد اسابيع .. يندهش خالد مما سمع اقلتي زواج .. نعم زواج .. فالمنطق والعقل يقولان رجاءاً عدم الاتصال  بي .. أستودعك الله متمنية لك التوفيق  ..وتغلق الهاتف دون ان تنتظر منه اجابة او تعليق وتسدل الستار على قصة ولدة وماتت في مهدها قبل ان ترى النور.
بقلم /الملتاعة-شاعرة مكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 − اثنان =

‫شاهد أيضًا‬

لطفي بوشناق: أيقونة الفن المُلتزم وصوتٌ للحرية والعدالة / حوار : بشرى بوجمعة

الفنان التونسي الكبير لطفي بوشناق: *أنا اسعى دائما أن أكون صوتا لكل الشعوب*أنا أعيش لأغني …