الحرية / بقلم : سما آل خليفة

مقالي هذا لا يرتبط بدولة  مجتمع واحد فقط ولا يعرف قيدا وإنما يستقي من مسماه الحرية المفقودة بعالمنا الدنيوي فالكل من أقصى العالم إلى أدناه مسجون ومبعد عن الحرية بدرجات متفاوتة  الخوف والطمع عبادتان صرفناها لغير الله فبتنا مسجونين داخل أسوار العبودية والشرك الأكبر ولكل شعوب العالم نحن أمم فقدت الحرية وجردناها من داخلنا أو هي من انسحبت خيبة أمل في مسمياتنا ونمط حياتنا 
طمعنا بالمال والسكون وراحة البال وفقدناها داخل أسوار الخوف من فقدها ولأننا مسلمون فنحن أكثر من يعاني لان ديننا وهبنا الحرية وتعالينا بل تناسينا أو تواطئنا لعبودية الجهل وحبسنا أنفسنا بدوله المماليك منذ الصغر فالطفولة لدينا فقدت براءتها بسبب الخوف والطمع و الانانيه والشباب انحسر بأسوارها وخيب الرجاء فيه والكهولة خافت وتمنت الموت على دكها رهبة من سجونها وانهزاما من حرية لم تذقها بحياتها 
سمي لي شخصا يبات اليوم سعيدا ومتحررا ولا يفكر بطمع آو خوف إلا من الله وصدقني لن تجده إلا نادرا على جزيرة نائية أو داخل أسوار سجن اسمنتية نخافها نحن وواجهها هو بحريه الفكر و الانسانيه وإذا كنت حرا فلتنقذه منها بلغه العدل المفقودة في بلادنا العالمية
حتى القلم يحس بالسجن بين يديك فلا تدري هل هو مسجونك أم أنت مسجون بداخله ولا تستطيع التعبير مخافة الفهم المغلوط وسوء الظن 
إلا نفس الشفافة والتي تخلت عن كل شئ وملكت بذلك حريتها هي الوحيدة التي ذاقت طعم الحرية وباتت الأشياء من تحتاجها لاهي من تطلبها وتسجن بأسوارها  
عادات وتقاليد ورواسب جاهليه جعلت عقولنا اصلب من تلك الجدران الاسمنتيه التي تحيطنا بها القصور العالية والسلطة المتعالية من بشر يحكمون بشر حتى الأزواج فقدوا داخل مملكة الزواج طعم الحرية  وسموها الأقفاص الذهبية ولا ينفع الذهب ولا معادن الأرض كلها من إعادة الحرية لذواتها الانسانية وباتوا مغتاظين كليهما داخل أسوار النسيان والتعبئة للسيطرة فباتت حياتنا سجون صغيره  والتي بنيناها لنحمى الجهل داخلنا ونحسب أنا نختبئ داخلها لنشعر بالأمان ففقدنا عذريتنا وبراءتنا ولم نذق طعم الشراكة الحقيقة فأما غالب أو مغلوب  وتاهت أفكارنا وذابت حريتنا بحثا عن احتياجاتنا  ولا اقصد الانحلال وإنما التعبير عن الرأي وبوح المشاعر وصدق التعبير للآخر وهاأنا أوضح لأني مسجونة كفكـــــــــر داخل أسوار مخافة سوء الظن أو الدعوة للرذيلة 
حتى الحب بات لعينا مطرودا وخائبا ولا يعرف طعم الحياة بات لعنه وخيانة ومفقود بهذا الزمان وبلا أمل ومجرد من نزاهته وجماله وبراءته وان وجدت حبا حقيقيا تمنعك عنه سجون الحرية وعبودية القهر وتبعية الأهل واللامنطق وتبعدك بكل قسوتها بمسمى العيب والعادات ويموت مسجون داخل صدور أعدت مسبقا لتكون سجون لجلد الذات 
لأنك عربي فأنت مطالب بالحرية كما تحرر حاتم من عقدة الخوف من الجوع وأكرم ضيفه وبات متخم بطعم الأمل لغد وواثقا بأن الرزق مكفول 
ولأنك حفيد عنترة فأنت مطالب بنصرة المظلوم وشجاعة الرأي والقتال والاستبسال بدون خوف من الموت 
ولأنك سليل عمر الفاروق  فلتقم دولة العدل ولا تنهزم 
ولأنكِ حفيدة خديجة عليك أن تعرفي قيمة المشاركة والنصرة والحب العظيم 
ولأنكم محمديين الفكر عليكم أن  تكونوا أهل اللين والعطف ورسل السلام دون تفكير بمن هم حولكم أو تشكك بخبايا أنفسهم وتتقبل الآخر كما تقبله وجاور اليهود دون شك في الأذية وبحذر طبيعي دون تبعية أو تعبئه  وتقبل الهدية دون تفكير بالأسوء والأردئ كما قبل هديه النصارى وأمر بالهجرة إليهم لأنهم كانوا أهل عدل ومساواة فقط 
هل عرفت من هذا قيمه التحرر والذي يغلب بالعدل وينتشر برفع الظلم وإجارة المستجير وأغاثه الملهوف ولو كان على غير دينك  
الحرية مسمى أصعب من أن نفهمه أو نعرفه أو ندك أسوار بمجتمعات علاها رواسب من أبو جهل وانظمه وقوانين تتذرع بالأديان السماوية التي اخذ منها قشورها وترك مضمونها الأسمى والأعلى وهو تحرير النفس البشرية ولجأ إلى المدنية والحضارة الزائفة باسم العلمانية 
المفكرون حين علت عندهم نبرة الحرية سكنوا الأكواخ واعتزلوا الهمجية وقرروا أن السجون المظلمة هي عقول تجردت من ذواتها وأبت أن تؤمن بالحرية استجابة لعادات أو رغبات ومطامع دنيويه 
تعرف لماذا سميت دنيويه لأنها دنيئة و واطيه واقل قيمه من أن تعلوا فيها الانسانيه 
الانسانيه من الأنس والايجابية لا من نسيان الأخر وحبس الفكر وتجاهل العادات والعقد النفسية فمشكلتنا اليوم اكبر في زمن مكشوف ومتقارب ومنفتح ولكن صعوبته انه لا يزال حبيس أفكاره الدنيوية وضمائره المغشوشة وظلمه للنور وتغطيه الشمس بغربال متهالك ولكنه لا يزال أمام الحرية المفقودة  اصلب وأقسى فورث الحزن بالنفوس والاعتلال بالأبدان والثقافة المهزومة ثقافتنا فقاقيع من الصابون والوحل 
فمازالت بداخلنا رواسب من أبي جهل 
ومازلنا نعيش بمنطق المفتاح والقفل 
معادله صعبه على من فقد الحرية وجهل ذاته وعاش غياهب سجن وهمي تحت مسميات أخرى بعيدة عن الحرية ورؤية الوجه الآخر للعالم  (أننا مماليك في عالم لا يعترف بالانسانية )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

10 + 10 =

‫شاهد أيضًا‬

لطفي بوشناق: أيقونة الفن المُلتزم وصوتٌ للحرية والعدالة / حوار : بشرى بوجمعة

الفنان التونسي الكبير لطفي بوشناق: *أنا اسعى دائما أن أكون صوتا لكل الشعوب*أنا أعيش لأغني …